الدورة الشهرية، التي تستمر عادةً ما بين 21 و35 يومًا، تُنظّمها التقلبات الهرمونية، وتُعدّ مؤشرًا رئيسيًا على الصحة الإنجابية. وبينما تختلف مدتها وغزارة دمها من امرأة لأخرى، تستمر الدورة الشهرية عادةً ما بين 3 و7 أيام. تعاني الكثيرات من أعراض مثل التقلصات والانتفاخ وتقلبات المزاج قبل أو أثناء الحيض بسبب التغيرات الهرمونية. يُعدّ فهم الدورة الشهرية أمرًا بالغ الأهمية، إذ تلعب دورًا حيويًا في الخصوبة والصحة العامة.
ما هي الدورة الشهرية؟
الحيض هو خروج الدم والأنسجة شهريًا من الرحم، مُشيرًا إلى نهاية دورة شهرية وبداية أخرى. تُدار هذه العملية بتفاعل مُعقد من الهرمونات، وتشمل عدة أعضاء رئيسية، بما في ذلك الوطاء، والغدة النخامية، والمبيضين، والرحم.
تبدأ الدورة عندما يُرسل الوطاء إشارةً إلى الغدة النخامية لإفراز هرموني تحفيز الجريبات (FSH) وهرمون اللوتين (LH). يُحفّز هذان الهرمونان المبايض على إنضاج البويضة وإنتاج هرمون الإستروجين، الذي يُكثّف بطانة الرحم. في منتصف الدورة تقريبًا، تحدث الإباضة، أي إطلاق البويضة الناضجة في قناة فالوب. إذا لم تُخصّب البويضة خلال 24 ساعة، تنخفض مستويات هرموني الإستروجين والبروجسترون، مما يُؤدي إلى تحلل بطانة الرحم وخروجها من الجسم على شكل دم الحيض.
تشمل الأعراض الشائعة المصاحبة للدورة الشهرية تقلصات البطن، والتعب، وألم الثدي، والتقلبات النفسية. في حين أن الشعور بانزعاج خفيف أمر طبيعي، إلا أن الألم الشديد قد يشير إلى حالات كامنة، مثل الانتباذ البطاني الرحمي أو الأورام الليفية، مما يستدعي استشارة طبية.
متى تبدأ الدورة الشهرية ومتى تنتهي؟
تبدأ الدورة الشهرية عادةً خلال فترة البلوغ، بين سن 8 و15 عامًا، وتُعرف الدورة الأولى باسم “بداية الحيض”. قد تكون الدورات المبكرة غير منتظمة مع تكيف الجسم مع التغيرات الهرمونية، لكنها عادةً ما تستقر خلال بضع سنوات.
تستمر الخصوبة الإنجابية حتى سن اليأس، والذي يحدث عادةً بين سن 45 و55. مع استنزاف مخزون البويضات، تقلّ وتيرة الدورات الشهرية قبل أن تتوقف تمامًا، مُشيرةً إلى نهاية الحيض. هذه المرحلة الانتقالية، المعروفة باسم مرحلة ما قبل انقطاع الطمث، قد تُسبب أعراضًا مثل الهبات الساخنة وعدم انتظام الدورة الشهرية قبل الوصول إلى سن اليأس الكامل.
ما هي أسباب آلام الدورة الشهرية؟
آلام الدورة الشهرية، أو عسر الطمث، ناجمة في المقام الأول عن انقباضات الرحم التي تُحفّزها البروستاجلاندينات، وهي مركبات شبيهة بالهرمونات تساعد على انفصال بطانة الرحم. تؤدي مستويات البروستاجلاندين المرتفعة إلى انقباضات أقوى، مما يُقلل تدفق الدم إلى الرحم ويزيد الألم.
تشمل الأعراض الشائعة ما يلي:
- تقلصات في أسفل البطن
- آلام الظهر الخفيفة أو النابضة
- الانتفاخ والغثيان
- الصداع أو الدوخة
عادة ما يتحسن عسر الطمث الأولي (ألم الدورة الشهرية الطبيعي) مع التقدم في السن أو بعد الولادة، في حين قد يتطلب عسر الطمث الثانوي (الناجم عن حالات مثل بطانة الرحم المهاجرة) علاجًا طبيًا.
ما هو مفيد لألم الدورة الشهرية؟
على الرغم من أنه من المتوقع الشعور ببعض الانزعاج، إلا أن هناك العديد من الطرق التي يمكن أن تساعد في تخفيف آلام الدورة الشهرية:
- الحمامات الدافئة: يساعد الاستحمام بالماء الدافئ على استرخاء العضلات وتخفيف التقلصات.
- النوم السليم: الحفاظ على جدول نوم منتظم يساعد على تنظيم الهرمونات وتقليل حساسية الألم.
- نظام غذائي متوازن: تناول الأطعمة الغنية بالألياف، والخضراوات الورقية، ومصادر أوميغا 3 (مثل سمك السلمون أو بذور الكتان) يُقلل الالتهاب. كما يُساعد تجنب الأطعمة المالحة أو الدهنية أو التي تحتوي على الكافيين على تقليل الانتفاخ والشعور بعدم الراحة.
- الترطيب: شرب كميات كبيرة من الماء يساعد على إخراج السوائل الزائدة، مما يقلل من الانتفاخ.
- العلاج الحراري: وضع وسادة تدفئة أو زجاجة ماء ساخن على البطن يخفف من توتر العضلات.
- التمارين الرياضية اللطيفة: تساعد الأنشطة الخفيفة مثل المشي أو اليوجا على إطلاق الإندورفين، وهو مسكن طبيعي للألم.
- التدليك: يساعد التدليك اللطيف للبطن على تحسين الدورة الدموية وتقليل التشنجات.
- الأدوية: يمكن أن تساعد مسكنات الألم المتاحة دون وصفة طبية (مثل الإيبوبروفين) أو وسائل منع الحمل الهرمونية (تحت إشراف طبي) في إدارة الألم الشديد.
إذا كان الألم مرهقًا أو يعطل الحياة اليومية، فإن استشارة مقدم الرعاية الصحية أمر بالغ الأهمية لاستبعاد الحالات الأساسية.
خاتمة
الدورة الشهرية جزء طبيعي وأساسي من الصحة الإنجابية. ورغم شيوع الشعور بعدم الراحة، إلا أن فهم أسبابها وعلاجاتها يُساعد في إدارة الأعراض بفعالية. إن الحفاظ على نمط حياة صحي، وشرب كميات كافية من الماء، واستخدام تقنيات تخفيف الألم، كلها عوامل تُسهّل إدارة الدورة الشهرية. مع ذلك، ينبغي دائمًا تقييم الألم المستمر أو الشديد من قِبل طبيب مختص. نتمنى لكِ دورات شهرية صحية ومريحة!