ما هي الإندورفينات؟

عندما تضحك، أو تقع في الحب، أو تمارس رياضة الجري لمسافات طويلة، قد تلاحظ تحسنًا مفاجئًا في مزاجك أو شعورًا غير متوقع بالهدوء. هذا ليس مجرد شعور داخلي، بل هو إفراز جسمك للإندورفين ، والذي يُشار إليه غالبًا باسم “هرمونات الشعور بالسعادة”.

الإندورفينات جزءٌ من الصيدلية الطبيعية لجسمك. هذه المواد الكيميائية القوية مسؤولة عن تخفيف الألم، وزيادة المتعة، وتعزيز الشعور بالراحة. ولكن ما هي تحديدًا؟ وكيف تعمل؟ وماذا يحدث عندما تكون مستويات الإندورفين لديك منخفضةً جدًا؟

في هذه المقالة، سوف نستكشف العلم وراء الإندورفين، ووظائفه، وأعراض نقصه، وكيفية تعزيزه بشكل طبيعي.

ما هي الإندورفينات؟

الإندورفينات هي مجموعة من المواد الكيميائية العصبية (وتحديدًا، الببتيدات العصبية) التي ينتجها الجهاز العصبي المركزي والغدة النخامية . يُشتق المصطلح من “المورفين الداخلي”، أي “مسكن الألم الطبيعي”. ومثل المواد الأفيونية (المورفين مثلًا)، ترتبط الإندورفينات بمستقبلات الأفيون في الدماغ لتخفيف الألم وتعزيز المتعة.

إنها جزء من نظام الإجهاد والمكافأة في الجسم ، والتي يتم إطلاقها أثناء الأنشطة والتجارب المختلفة لمساعدتنا في إدارة الضغط البدني أو العاطفي.

ماذا تفعل الإندورفينات؟

تشارك الإندورفينات في مجموعة واسعة من العمليات الفسيولوجية والعاطفية. وتشمل وظائفها الرئيسية ما يلي:

1. تسكين الألم

تمنع الإندورفينات إشارات الألم في الدماغ والحبل الشوكي، وتعمل كمسكنات طبيعية . تُفرز أثناء الإصابة، أو المجهود البدني الشديد، أو حتى أثناء المخاض والولادة.

2. تحسين المزاج

تُولّد شعورًا بالنشوة أو السعادة من خلال تفاعلها مع مناطق الدماغ المسؤولة عن المشاعر. ولهذا السبب غالبًا ما تُربط بما يُسمى “نشوة العداء”.

3. تقليل التوتر

تساعد الإندورفينات على تهدئة الجهاز العصبي أثناء الأحداث المرهقة، مما يقلل من القلق والتوتر .

4. دعم المناعة

تشير بعض الدراسات إلى أن الإندورفين قد يلعب دورًا في تعديل وظيفة المناعة ، ربما عن طريق تقليل تثبيط المناعة الناجم عن الإجهاد.

5. تنظيم الشهية والنوم

يمكن أن تؤثر الإندورفينات على سلوك الأكل وتشارك في الحفاظ على دورات النوم الصحية .

ما الذي يحفز إطلاق الإندورفين؟

يتم إطلاق الإندورفين استجابة للمحفزات الجسدية والعاطفية، بما في ذلك:

• ممارسة الرياضة (خاصة تمارين القلب أو التحمل عالية الكثافة)
• الضحك والترابط الاجتماعي
  
• النشاط الجنسي
  
• الأطعمة الحارة
  
• التأمل والتنفس العميق واليوغا
  
• الموسيقى والرقص
  
• التدليك أو الوخز بالإبر
  
• تجربة الفن أو الطبيعة
  
• اللمسة الإنسانية الإيجابية (العناق، المودة)

حتى البكاء أو الشعور بالتطهير العاطفي يمكن أن يؤدي إلى زيادة في الإندورفين.

علامات انخفاض مستويات الإندورفين

على الرغم من عدم وجود اختبار دم روتيني لقياس الإندورفين، إلا أن النقص المزمن قد يتجلى في:

• انخفاض الحالة المزاجية أو الاكتئاب
  
• زيادة الحساسية للألم
  
• التعب المزمن
  
• الخدر العاطفي
  
• احترام الذات متدني
  
• الانسحاب الاجتماعي
  
• الرغبة الشديدة في تناول الأطعمة المريحة أو الكحول (كطريقة لتهدئة الذات)

غالبًا ما يرتبط اختلال التوازن في الإندورفين بحالات الصحة العقلية مثل اضطراب الاكتئاب الشديد والتوتر المزمن والإدمان .

الحالات الطبية المرتبطة بنقص الإندورفين

قد تؤدي بعض الحالات الطبية والنفسية إلى انخفاض نشاط الإندورفين:

• اضطرابات الاكتئاب والقلق
  
• الألم العضلي الليفي ومتلازمات الألم المزمن
  
• تعاطي المخدرات أو الانسحاب منها
  
• اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)
  
• العزلة الاجتماعية أو الحزن
  
• اضطرابات الأكل
  
• اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه أو اضطراب المزاج عند الأطفال والبالغين

كيفية زيادة مستويات الإندورفين بشكل طبيعي

لا يتطلب رفع مستويات الإندورفين لديك أي أدوية. إليك بعض الاستراتيجيات العلمية المُثبتة:

1. ممارسة الرياضة بانتظام

تُعدّ التمارين الهوائية كالجري وركوب الدراجات والسباحة من أفضل الطرق لتعزيز الإندورفين. حتى المشي السريع قد يُساعد.

2. اضحك كثيرًا

لقد ثبت أن الضحك يفرز الإندورفين ويقلل من هرمونات التوتر مثل الكورتيزول.

3. استمع إلى الموسيقى

يمكن للموسيقى، وخاصة النوع الذي يحرك مشاعرك، أن تحفز نظام المكافأة في الدماغ وتطلق الإندورفين.

4. تناول الأطعمة الحارة

يمكن للكابسيسين الموجود في الفلفل الحار أن يحفز إطلاق الإندورفين من خلال إنشاء إشارة ألم غير ضارة.

5. جرب الوخز بالإبر أو التدليك

تعمل هذه العلاجات على تحفيز النهايات العصبية ويمكن أن تساعد في إطلاق الإندورفين والمواد الكيميائية الأخرى التي تمنح الشعور بالسعادة.

6. اقضِ وقتًا مع أحبائك

تعمل الروابط الاجتماعية والمودة الجسدية على تعزيز مستويات الإندورفين والأوكسيتوسين، وهو “هرمون الحب”.

7. ممارسة التأمل أو اليقظة الذهنية

يساعد التباطؤ والتواجد في الحاضر على تنظيم جهازك العصبي وتشجيع توازن الإندورفين والسيروتونين.

الإندورفينات مقابل المواد الكيميائية الأخرى التي تُشعرك بالسعادة

في حين أن الإندورفينات تلعب دورًا رئيسيًا في تنظيم العواطف، فهي جزء من شبكة أكبر من المواد الكيميائية في الدماغ:

تعمل كل هذه المواد الكيميائية معًا لتشكيل كيفية شعورنا وسلوكنا وتواصلنا مع الآخرين.

هل يمكن أن يكون لديك الكثير من الإندورفين؟

يعد نشاط الإندورفين الزائد نادرًا ولكنه قد يحدث في:

• أنواع معينة من أورام المخ أو الاضطرابات العصبية
  
• استخدام العقاقير الأفيونية التي تحاكي تأثيرات الإندورفين
• الحالات الوراثية النادرة التي تؤثر على إدراك الألم (مما يؤدي إلى عدم الإحساس بالألم )

بشكل عام، ينظم جسمك مستويات الإندورفين بشكل فعال للغاية لتجنب التطرف.

متى يجب عليك زيارة الطبيب

إذا كنت تعاني من أعراض مستمرة، مثل انخفاض الحالة المزاجية، أو التعب المزمن، أو الخدر العاطفي، فقد يكون ذلك علامة على وجود مشكلة هرمونية أو نفسية كامنة . يمكن لمقدم الرعاية الصحية مساعدتك في تقييم:

• اضطرابات المزاج (الاكتئاب والقلق)
• حالات الألم المزمن
• المشاكل الصحية المرتبطة بالتوتر
• اختلال التوازن الهرموني

في مستشفى إرديم ، يقدم فريقنا متعدد التخصصات، الذي يضم أطباء الغدد الصماء وعلماء النفس وأخصائيي الطب الباطني، دعمًا شاملًا للمرضى الذين يعانون من اضطرابات المزاج أو التوتر أو الألم المزمن. بخبرة تزيد عن 37 عامًا من الثقة ، نقدم لكل مريض رعاية شخصية تُعنى بالصحة الجسدية والنفسية.

الأفكار النهائية

الإندورفينات هي دفاع الجسم الطبيعي ضد الألم والضيق العاطفي. فهي تساعدك على الشعور بالهدوء والتواصل والمرونة حتى في أصعب المواقف. سواء كنت تركض في ماراثون أو تعانق صديقًا، فإن عقلك يعمل جاهدًا للحفاظ على معنوياتك مرتفعة. مع أننا لا نستطيع دائمًا التحكم في ضغوط الحياة، إلا أنه يمكننا اتخاذ خطوات صغيرة يوميًا لتحفيز الكيمياء الطبيعية في أجسامنا على العمل لصالحنا.  لذا، تمشَّ، أو اضحك مع من تحب، أو استمع إلى أغنيتك المفضلة، سيشكرك عقلك.